يوسف أحمد الحسن
إحدى مشكلات حوار الأديان أن بعض إشكالياته العقدية
على وجه التحديد لا يمكن أن تحل عن طريق ردود معرفية، أو براهين علمية أبدًا؛ ذلك
لأنها مرتبطة بقضايا الإيمان والاعتقاد الغيبي، ولذلك فإنه نادرًا ما تثمر هذه
الحوارات عن تحولات عقائدية كبيرة، بل تدور في حلقة مفرغة لا تكاد تخرج منها،
وأكثر التحولات العقدية التي نسمع عنها ليست نتيجة حوارات، بل استعداد مبدئي عند
المتحول؛ نتيجة وقوعه تحت ظرف ما، أو بسبب تطور سياسي أو موقف اجتماعي حصل له، أو
أنها من نتائج ما يسمى الحوارات التلقائية، ولذلك فإنَّ أيَّ حوار ديني يبدأ
بالناحية العقائدية سيحكم على نفسه بالفشل، لذا فإنه ينبغي أن نبدأ بأمور أخرى.
فنحن والغرب نعيش اليوم في قرية عالمية صغيرة لا
يكاد يمكن لأحد أن يُخفِي فيها شيئًا، وهناك مصالح متبادلة بين الطرفين، فنحن
بحاجة إلى علومهم وتقدمهم التكنولوجي لحل مشكلاتنا وجعل حياتنا أكثر سهولة، بينما
الغرب يحتاج منا إلى الطاقة وإلى تسويق بضائعه، ومنتجاته، وخدماته لدينا، والإفادة
من موقعنا الجغرافي، ورفض الحوار سوف يجعل كلا الطرفين خاسرين.
ويمكن لحوار الأديان أن يناقش عدة أمور على قاعدة
المشترك الإنساني الذي تدعو إليه أغلب الديانات مثل الدعوة إلى الأخلاق والفضيلة
والخصال النبيلة.
وممَّا ابتليت به البشرية المستوى المخيف من التوجه
المادي الذي تسير باتجاهه الحضارة الغربية والذي لا تقبله الديانة المسيحية حتى
بشكلها الحالي، ويمكن لأي حوار ديانات مستديم أن يحد من هذا التوجه عبر طرح
مقترحات مناسبة يمكن بلورتها لاحقًا كمشاريع عالمية إنسانية تفرض نفسها على صناع
القرار في كل مكان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق