ربما
لو لم يتم إنفاق مئات ملايين الدولارات من قبل جائزة نوبل على مستحقيها منذ العام
1901 وحتى الآن ، لكانت المسيرة العالمية للتطور العلمي والأدبي تأخرت عما هي عليه
اليوم . فالجائزة التي تزيد قيمتها على المليون دولار للشخص الواحد ، ومنحت لأكثر
من 870 شخصا ، علاوة على قيمتها المعنوية أعطت دفعة كبيرة للحراك الأدبي والعلمي
في العالم نظرا لما تحظى به من مكانة تلخص دور الجوائز في تنمية حالات الإبداع في
المجتمعات .
وتلعب
هذه الجوائز دورا هاما في تسليط الضوء على القيم المعنوية العالية بدل التركيز على
الجوانب المادية ، وهي بذلك توجه بوصلة الاهتمام إلى الأمور القيمية التي تدفع
بالمجتمع نحو مزيد من العطاء الأدبي والثقافي والعلمي . إنها نوع من التشجيع
للكاتب من جهة ، وتشجيع لعموم الناس على القراءة من جهة أخرى ، وتشجيع لآخرين
وبطريق غير مباشر على الكتابة والعمل الإبداعي عبر إعطاء هذه الأمور قيمة مجتمعية
من جهة ثالثة . كما أن الجوائز ذات الطبيعة المختلفة مثل الجوائز العلمية
والاجتماعية والاقتصادية تدفع نحو مزيد من العطاء والتطور في هذه الجوانب .
وقد تم
في السنوات القليلة الماضية الإعلان عن عدد من الجوائز في عالمنا العربي ما يشي
بتوجه واهتمام لافتين بهذا النوع من الأنشطة . وأصدرت مجلة الرافد الإماراتية
مؤخرا كتابا تحت عنوان ( الجوائز العربية ) للكاتبين د. أشرف صالح محمد و د. أنور
محمود زناتي ، يرصد الجوائز في الدول العربية مصنفة إلى قسمين قطرية ( بضم القاف )
وإقليمية عربية . ومن المجالات التي تم رصدها في هذه الجوائز : الإدارة الحكومية ،
التربية والتعليم والبحث العلمي ، الثقافة والفنون والآداب ، الصحافة والنشر ،
الأعمال الخيرية والمجتمع المدني ، المجال الزراعي والموارد المائية ، المدن
والتجمعات السكانية ، شؤون البيئة ، الاختراعات والموهوبين ، ذوو الاحتياجات
الخاصة ، الرياضة والتربية البدنية ، الشباب ومشروعات الأعمال ، المرأة العربية ،
دينية وعقائدية ، المعلوماتية وتكنولوجيا المعلومات ، الأعمال الخيرية والمجتمع
المدني ، العمارة والعمران ، السياحة . وبلغ مجموع ما رصد الكتاب من جوائز 158
جائزة في الدول العربية ، ثمان وعشرون منها في المملكة .
ما
أجمل أن تتزايد أعداد الجوائز وقيمها في عالمنا العربي ما يشجع على مزيد من
الابداع والعطاء ، وما أروع أن تتضاعف قيمها وتتزايد الشرائح المستفيدة منها . ومع
وجود ملاحظات لدى البعض حول بعض هذه الجوائز ، أو حول لجان التحكيم فيها أو حتى
نزاهة بعضها ، إلا أنه تبقى هناك جوائز نزيهة وقوية وتؤدي أفضل أدوارها بالدفع نحو
مزيد من التحفيز والإبداع والعطاء . ولم تخل حتى أعرق وأكبر جائزة عالمية ( وهي
جائزة نوبل ) من ملاحظات وتشكيكات حولها حتى من قبل أعضاء فيها .
صحيح
أن من سلبيات بعض الجوائز الأدبية ( مثلا ) بروز ما يسميه البعض ( أدب الجوائز )
حيث يقوم البعض بالكتابة من أجل الفوز بجوائز ، لكنها أمور يمكن أن تحصل في أي
مكان في العالم ولا يمكن الحد منها ، كما لا يمكن المطالبة بتقليص أعداد هذه
الجوائز فقط من أجل إيقاف هذا النوع من الكتابة .
جريدة
اليوم – 26 ديسمبر 2016م وفي العربية نت كذلك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق