السبت، 26 مارس 2022

جدوائية الجوائز في العالم العربي

يوسف أحمد الحسن 

ربما لو لم يتم إنفاق مئات ملايين الدولارات من قبل جائزة نوبل على مستحقيها منذ العام 1901 وحتى الآن ، لكانت المسيرة العالمية للتطور العلمي والأدبي تأخرت عما هي عليه اليوم . فالجائزة التي تزيد قيمتها على المليون دولار للشخص الواحد ، ومنحت لأكثر من 870 شخصا ، علاوة على قيمتها المعنوية أعطت دفعة كبيرة للحراك الأدبي والعلمي في العالم نظرا لما تحظى به من مكانة تلخص دور الجوائز في تنمية حالات الإبداع في المجتمعات .

وتلعب هذه الجوائز دورا هاما في تسليط الضوء على القيم المعنوية العالية بدل التركيز على الجوانب المادية ، وهي بذلك توجه بوصلة الاهتمام إلى الأمور القيمية التي تدفع بالمجتمع نحو مزيد من العطاء الأدبي والثقافي والعلمي . إنها نوع من التشجيع للكاتب من جهة ، وتشجيع لعموم الناس على القراءة من جهة أخرى ، وتشجيع لآخرين وبطريق غير مباشر على الكتابة والعمل الإبداعي عبر إعطاء هذه الأمور قيمة مجتمعية من جهة ثالثة . كما أن الجوائز ذات الطبيعة المختلفة مثل الجوائز العلمية والاجتماعية والاقتصادية تدفع نحو مزيد من العطاء والتطور في هذه الجوانب .

وقد تم في السنوات القليلة الماضية الإعلان عن عدد من الجوائز في عالمنا العربي ما يشي بتوجه واهتمام لافتين بهذا النوع من الأنشطة . وأصدرت مجلة الرافد الإماراتية مؤخرا كتابا تحت عنوان ( الجوائز العربية ) للكاتبين د. أشرف صالح محمد و د. أنور محمود زناتي ، يرصد الجوائز في الدول العربية مصنفة إلى قسمين قطرية ( بضم القاف ) وإقليمية عربية . ومن المجالات التي تم رصدها في هذه الجوائز : الإدارة الحكومية ، التربية والتعليم والبحث العلمي ، الثقافة والفنون والآداب ، الصحافة والنشر ، الأعمال الخيرية والمجتمع المدني ، المجال الزراعي والموارد المائية ، المدن والتجمعات السكانية ، شؤون البيئة ، الاختراعات والموهوبين ، ذوو الاحتياجات الخاصة ، الرياضة والتربية البدنية ، الشباب ومشروعات الأعمال ، المرأة العربية ، دينية وعقائدية ، المعلوماتية وتكنولوجيا المعلومات ، الأعمال الخيرية والمجتمع المدني ، العمارة والعمران ، السياحة . وبلغ مجموع ما رصد الكتاب من جوائز 158 جائزة في الدول العربية ، ثمان وعشرون منها في المملكة .

ما أجمل أن تتزايد أعداد الجوائز وقيمها في عالمنا العربي ما يشجع على مزيد من الابداع والعطاء ، وما أروع أن تتضاعف قيمها وتتزايد الشرائح المستفيدة منها . ومع وجود ملاحظات لدى البعض حول بعض هذه الجوائز ، أو حول لجان التحكيم فيها أو حتى نزاهة بعضها ، إلا أنه تبقى هناك جوائز نزيهة وقوية وتؤدي أفضل أدوارها بالدفع نحو مزيد من التحفيز والإبداع والعطاء . ولم تخل حتى أعرق وأكبر جائزة عالمية ( وهي جائزة نوبل ) من ملاحظات وتشكيكات حولها حتى من قبل أعضاء فيها .

صحيح أن من سلبيات بعض الجوائز الأدبية ( مثلا ) بروز ما يسميه البعض ( أدب الجوائز ) حيث يقوم البعض بالكتابة من أجل الفوز بجوائز ، لكنها أمور يمكن أن تحصل في أي مكان في العالم ولا يمكن الحد منها ، كما لا يمكن المطالبة بتقليص أعداد هذه الجوائز فقط من أجل إيقاف هذا النوع من الكتابة .

جريدة اليوم – 26 ديسمبر 2016م وفي العربية نت كذلك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق