يوسف أحمد الحسن
رغم إيجابيات وثيقة (إيتاتي) للمسلمين من الناحية
النظرية عندما تم إعلانها في العام 1965م، إلا أنَّها لم تخدم الحوار والعلاقة بين
المسلمين والمسيحيين كثيرًا؛ بسبب عدم تحويل بنودها إلى مشاريع عملية تخدم هذه
العلاقة.
صحيح أنَّها لم تبقَ حبيسة الأدراج، لكنَّه لم يتم
تفعيلها بين المسيحيين والمسلمين، بينما استغلها اليهود الذين طاروا بها فرحًا
بسبب تبرئتهم من دم المسيح الذي ظل يتهمهم به المسيحيون طوال قرون، وقاموا
باستثمارها لتطبيع العلاقات مع أطياف أخرى من المسيحيين من غير الكاثوليك.
أمَّا المسلمون فقد كانوا في وضع سياسي صعب، حيث
كانت بعض دولهم لا تزال تحت الحماية أو الاستعمار، ولم يمضِ عامان على صدور
الوثيقة حتى حصلت نكبة حزيران 1967م، والتي تركت جراحًا غائرة في جسد العرب لم
تندمل حتى اليوم، حيث عد المسلمون بأنَّ إسرائيل إنَّما احتلت فلسطين، وما حولها
بسبب دعم الغرب لها، وكان العرب يخلطون حينها، ولا يزال كثير منهم بين المسيحية
والغرب حيث يعدونهما شيئًا واحدًا بينما الأمر ليس كذلك، فالغرب أوَّلًا مر بمرحلة
مخاض عسيرة وصراع مع السلطة الدينية انتهت بعدم تدخل الكنيسة في السياسة، والحياة
العامة للناس.
ولا ينطلق ساسة الغرب في خططهم وبرامجهم السياسية
من منطلقات دينية غالبًا؛ كونهم يفصلون بين الدين والسياسة في المقام الأول وكون
المصلحة القومية لبلادهم هي ما يفرض أي قرار في المقام الثاني، كما أن المسيحية
اليوم ليست مسيحية واحدة، بل تتشكل من طيف واسع جدًّا من المذاهب المختلفة، بل
والمتباينة والمتنافرة أحيانًا والمتحاربة تاريخيًّا، ولذا فإنَّه لا يمكن وضع
جميع أتباع المسيحية في سلة واحدة عندما يتعلق الأمر بالمسلمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق