الخميس، 24 مارس 2022

نحو استثمار في المعلوماتية

 

نحو استثمار في المعلوماتية

يوسف أحمد الحسن *

عندما يفقد بلد ما الموارد الطبيعية للثروة ، فهو أمام خيارين إما أن يستسلم للفقر فيستجدي دولا غنية من أجل استنقاذه منه ، أو أن يفكر في استثمار عقول أبنائه من أجل النهوض ووضع نفسه على سكة الأمم المتحضرة ..

وفي السنوات الأخيرة برزت إحدى البوابات الهامة لاستنقاذ الأمم الفقيرة من فقرها حتى مع جدب الموارد الطبيعية لديها ، ألا وهي بوابة المعلوماتية .. فهذه البوابة التي لها جانبان : الأول تصنيعي وهو المرتبط بصناعة قطع الكمبيوتر ومعداته ، وهو جانب على أهميته ، فهو بحاجة إلى بعض المواد التصنيعية الأولية ورؤوس أموال قد لا تتوفر بسهولة لدى بعض الدول ، كما أنها بحاجة إلى معرفة تكنولوجية عالية وبنية تحية قوية . أما الجانب الثاني فهو الجانب البرمجي والذي يحتاج إلى إعداد عقول وتوظيفها التوظيف المناسب .. وهذا الإعداد يحتاج إلى مناهج دراسية مناسبة ومعاهد لإعداد هذه العقول تعلمهم عدة مهارات كمهارة البرمجة والتعامل المحترف مع الحواسيب وتقنيات الإنترنت .. وهي علوم لا تأخذ من الوقت الكثير لتعلمها ، كما أنها لا تتطلب رؤوس أموال عالية ..

وقد تمكنت بعض دول العالم من التنبه لهذه البوابة الهامة حيث انتشلت نفسها من قعر الفقر .. ومن هذه الدول الهند ، الدولة التي مهما زادت مواردها الطبيعية فإنها بحاجة دائمة للمزيد من أجل إطعام أكثر من مليار بطن .

وقد توجهت الهند لهذا الأمر مبكرا واستطاعت أن تقفز بصادراتها البرمجية ومن منتجات تقنيات المعلومات بشكل عام من 150 مليون دولار في العام 1991-1992 ، إلى 5.7 مليار دولار في العام 1999 – 2000م ، إلى أضعاف هذا الرقم حاليا . وبلغت نسبة نمو سوق البرمجيات فيها 50% سنويا ، وشكلت نسبة هذه الصادرات 35% من مجموع صادراتها . كما استطاعت أن تضخ أكثر من 60000 مبرمج سنويا إلى سوق البرمجيات العالمي في كل من اليابان والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة . ويجد عشرات آلاف الهنود يعملون حاليا في الهند ، لكن لحساب شركات أميركية ، حيث تبقيهم الشركات الأميركية في الهند لتوفر على نفسها نفقات النقل والسكن . ويقوم هؤلاء إما ببرمجة أجهزة الحاسبات ، أو بخدمة العملاء في أنحاء العالم هاتفيا عبر الإنترنت وهم في الهند .

إن هذه الصناعة تشكل منجما هاما من مناجم العلم والثروة التي يمكن لأي شعب أن ينقب فيها ، ولا يوجد شك في أنه سوف يكتشف ثرواتها إذا ما توافرت الإرادة والقدرة والتخطيط السليم ، خاصة أن الحاجة العالمية للمبرمجين وحدهم يزيد على المليونين حاليا .. ولذلك فإن التوجه نحو هذا الجانب من قبل المؤسسات التعليمية الرسمية منها والأهلية السعودية ، أصبح أكثر أهمية ، فضلا عن جدواه الاقتصادية . كما أننا ندعو أبنائنا خريجي الثانوية العامة في المملكة إلى التوجه نحو هذه التخصصات الهامة والتي لا يحتاج بعضها أحيانا سوى إلى جهاز حاسب واتصال بالإنترنت .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق