حينما
يدور الحديث عن مؤسسات المجتمع المدني ، فقد يدور في خلد البعض بأن هذه المؤسسات
يقصد بها مؤسسات خارج نطاق القانون أو متمردة على البلدان التي تعمل بها .. لكن
الحقيقة مختلفة عن ذلك تماما .. فهذه المؤسسات التي تعرف بأنها ( مؤسسات تطوعية
غير حكومية وغير إرثية وتشكل قطاعا ثالثا بين القطاعين الحكومي والخاص ) .. ليست
مخصصة للعمل السياسي، بل إن منظري مفهوم المجتمع المدني لا يعتبرون الأحزاب
السياسية جزءا من مؤسسات المجتمع المدني لأنه وبحكم وظيفتها وطبيعة عملها، تهدف
الوصول إلى السلطة ولذلك فهي سياسية ، وهذه الأخيرة لها مجالاتها وسياقاتها الخاصة
بها .. بينما هناك بعض مؤسسات المجتمع المدني تسمح لبعض الأحزاب السياسية بأن
تشارك في نشاطاتها حتى تصل إلى السلطة، فإذا وصلت يتم استبعادها ..
وتحصر
مجالات مؤسسات المجتمع المدني في نشاطات مرتبطة بقضايا المجتمع مثل البيئة وحقوق
الطفل والمرأة وحقوق الإنسان، إضافة إلى الجمعيات العلمية والمهنية .. ويعتبر وجود
هذه المؤسسات ضرورة في أي مجتمع، كونها تخدم شرائح معينة في المجتمع، وتدعم توجهات
اجتماعية مفيدة في المجتمع، لأنه ومهما بلغت قدرات أي دولة على الاهتمام بالقضايا
الاجتماعية الداخلية، فلن تستطيع أن تشمل جميع هذه القضايا . هذا فضلا عن أن
الطبيعة البيروقراطية للأنظمة الحكومية تحول بينها وبين الفاعلية المناسبة لسد
ثغرات المجتمع وحاجياته .. ولذلك فإن أخطر ما يمكن أن يواجه مؤسسات المجتمع المدني
هو فقدان استقلاليتها ومحاولة إلحاقها بمؤسسات الدولة، حيث تصبح مجرد إدارة حكومية
جديدة تضاف إلى ما هو موجود من إدارات. وتصبح هذه المؤسسات حينها مجرد ديكور
تجميلي للأنظمة . كما أن بعض الأنظمة الديكتاتورية تحاول أن توظفها لصالح استكمال
هيمنتها على مفاصل المجتمع .. وبدلا من أن تعزز هذه المؤسسات مفاهيم الديمقراطية
والمشاركة والإصلاح والسلم الاجتماعي، تتحول إلى أدوات حكومية للرصد وللتحكم في
الفاعلين في المجتمع ..
ويعتبر
ازدياد أعداد هذه الجمعيات في مجتمع ما مؤشرا على فاعلية ذلك المجتمع ... كما أن
تنوع مهام هذه المؤسسات يدل على وعيه بأهمية كثير من الجوانب التي ربما لا تستطيع
مؤسسات الدولة أن تقوم بها ..
يعتبر
المجتمع المدني لدى بعض الحكومات وسيلة لاستكمال هيمنتها على المجتمع ، وللمحكومين
تعمق عملية النمو الديمقراطي للمجتمع . ولا يمكن لهذه المؤسسات أن تكون فاعلة دون
غطاء ثقافي ودون سياقات عامة من الحرية والديمقراطية والتعددية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق