يوسف
أحمد الحسن
لا يمكنك أن تلتقي الأستاذ محمد بن عبدالله
الغزال دون أن تسمع منه معلومة أو قصة أو بيت شعر جميل. فهذا الرجل الذي فقدناه
يوم الأربعاء (الثالث عشر من شعبان 1443هـ) يشدك نحو حديثه الشيق ويتنقل بك من بلد
لآخر ومن شاعر لشاعر وحتى من زمن لآخر. لديه ذاكرة حاضرة في مجال الشعر وقصص
الأدباء في مختلف العصور، كما يتميز بصوته الرنان الجميل. وما عرفته عنه بحكم
المصاهرة مع أقرباء الأسرة أنه كثيرا ما سافر وتنقل من أجل لقاء بعض الأدباء العرب
أو الاطلاع على بعض المكتبات حتى غص منزله بالكتب التي ملأت غرفتين منه. ونقل لي
صديقي المهندس مصطفى الغزال عن صداقات الأستاذ محمد مع عدد من الأدباء من مختلف
الدول العربية من العراق وسوريا ومصر، منهم الأستاذ الكبير فاروق شوشة والأديب
ورجل الأعمال عبدالمقصود خوجة الذي كتب فيه عدة أبيات جاء فيها:
قل للحجاز عليك السعد معقود فقد تميز بالإبداع مقصود
شيخ له في كؤوس العلم قاطبة من كل ما تنجب الأفكار عنقود
وقد كان -رحمه الله- يروي بعض حكايات لقاءاته مع
بعض هذه الشخصيات للمقربين منه.
ورغم أنه لم ينشر شيئا من إنتاجه الأدبي إلا أن
له كتابات عديدة في النثر والشعر. وعندما تواصلت مع صهره موفق الغزال عن إنتاجه
الأدبي قال بأن لديه الكثير من الكتابات والقصاصات الورقية في دروج طاولته، إلا
أنه لم ينشر شيئا منها.
وكان الأستاذ محمد حريصا جدا على اقتناء الجديد
من الكتب كما كان يدأب في زيارة معارضها في مختلف المناطق والدول ويعود محملا بما
يملأ به حقائب سفره. كما كان يحدث من حوله باستمرار عن لقاءاته بالكتاب والأدباء
والشعراء أينما حل وارتحل وعن علاقاته بهم. كما كان -رحمه الله- يسألني دائما عن
أعداد مجلة الواحة ويحرص على اقتناء الأعداد الناقصة منها.
وعن جانب آخر من شخصية فقيد الأحساء أخبرني أحد
أقرباءه (محمد بن خضر الغريب) بأنه وبعد وفاته اتصلت به إحدى الفقيرات التي كان
يتواصل معها لإيصال المساعدات إليها وقالت له بأنها فقدت في ذلك اليوم رجلا عزيزا
عليها حيث قالت بأنه كان يقدم المساعدات السخية لها ولأسرتها. وعندما سألها محمد
عن اسم ذلك الشخص قالت له بأنه (الأستاذ محمد الغزال)، حيث كان يدأب في تقديم المساعدات
لهم سرا لمدة طويلة ودون إخبار أحد بذلك حتى أقرب المقربين له.
ولا نستطيع في أيام فقده سوى أن نقول إن الأحساء
قد فقدت علما من أعلامها تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه الفسيح من جنته وإنا لله
وإنا إليه راجعون.
وصدق
شاعرنا سماحة السيد عبدالأمير ابن السيد ناصر السلمان حين رثاه بقوله:
تركت
لنا الذكرى وإن كنت غائبا كأنك رغم الموت تحكي المواهبا
كأنك
حي ما طوى الموت شخصه وما كنت للأجداث بالأمس ذاهبا
فأنت
حبيب صادق الوعد طالما وهبت لنا البشرى
قريبا وصاحبا
وكنت
أنيسا يعجب القوم قوله وألفاظك الحسناء
تجلو النوائبا
لديك
جميع الناس أهلا وإخوة تكرمهم دوما وما كنت غاضبا
تقربهم
من جانبيك وتنثني تسامرهم شوقا فتحلو
المتاعبا
بليغ
إذا ما قلت قولا بمحفل فتعجب بالفصحى
كراما أطايبا
عزيز
تسجي فوق نعش ولم أجد سوى نادب يشكو إليك
المصائبا
ودار
لها قد حاصر الحزن عنوة تضم من الآهات فيها النوادبا
خلت
من حبيب كان بالأمس بينها تغرب في المثوى وما زال غائبا
لمن
يا رفيق الدرب نشكو وليتني رحلت وما أصبحت يا شهم نادبا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق