السبت، 26 مارس 2022

لماذا يرغبون في كسب الحوار؟

يوسف أحمد الحسن 

لا يفترض بالمحاور أن يكون هدفه الأساس الإقناع رغم أنه أحد الأهداف، فالحوار عملية تواصل وتلاقح فكري، شفهي أو كتابي، فلا هي تنتهي عند حد ولا يفترض أن يعد عدم الوصول إلى ساحل الإقناع فشلًا لها.

ويعود سبب رغبة الكثيرين إلى الوصول إلى انتهاء الحوار بإقناع الطرف الآخر بأفكاره أو مواقفه إلى عدة أمور منها أنها تعد تحقيقًا للذات وإرضاء لغرور أي شخص، فالنجاح في عملية الإقناع يعني فيما يعينه توفر القدرة لدى المقنع وانتصار له ولموقفه الذي يدافع عنه، كما أن نجاحه يعني أن مرجعيَّته سليمة، وأنه بالضرورة على حق، وأن الفترة التي قضاها مع هذا الفكر مبررة تمامًا، وسيسهم هذا أيضًا في ثبات أنصاره على مواقفهم معه مع زيادة في أعدادهم، وهو يعني أيضًا زيادة شعبيته لدى فريقه ما قد يعنيه من تصدر المشهد لديهم.

وكما أنه قد يمتلك أحدهم ساعة ثمينة؛ لكنه لا يقدر الوقت، يمكن لشخص ما أن يمتلك من المعلومات الكثير؛ لكنه لا يملك فن الحوار وبالتالي الإقناع، ذلك أن الحوار فن لا يجيده إلا القليلون فقط، الذين هم بدورهم لا يستثمرونه بشكل كامل، فزيادة المعلومات قد تؤدي إلى تضخُّم الـ(أنا)، والنرجسية ما يخلق حواجز مع الآخر، وبالتالي لا يمكن أن يصل الحوار إلى مرفأ أبدًا، وحتى إن وصل، فلن يعترف الطرف الآخر بذلك؛ كون الحوار عمليةَ تواصل، وتلاقحًا فكريًّا تضمر الكثير من القضايا النفسية التي تتحكم في نتيجته، ومن لا يفهم هذه الحقيقة، فإنه سوف يظل يتنقل في الحوار من فشل إلى آخر.

فعندما يصرُّ طرف على أن ينتصر بالضربة القاضية كما يفعل الملاكم، فإنَّ الطرف الآخر لن يميل إلى الاعتراف بالهزيمة بل قد ينتج ذلك حالة من المكابرة والإصرار على الموقف مهما ناله من ضربات حوارية، بل إنَّه ربَّما يزداد الوضع سوءًا ويتحول الصديق إلى عدو.

 

قال الإمام الشافعي: لا تحاول الانتصار في كل الاختلافات فأحيانًا كسب القلوب أولى من كسب المواقف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق