يوسف أحمد الحسن
ويكرس هذا النوع من التعامل مع الأطفال أحادية
الرأي ومصادرة الرأي الآخر، ولذلك فإنه وعندما يشب الطفل ويكبر ويبدأ في العمل
ويتسنَّم مسؤولية إدارية في موقع ما، فإنه يبدأ وبشكل لا إرادي في ممارسة ما شاهده
وعايشه في طفولته ومراهقته وشبابه، وهنا تبدأ معاناة مرؤوسيه منه والذين ربما
يقومون هم أنفسهم كذلك، بتطبيق هذه الممارسات على من هم تحت مسؤولياتهم في العمل
أو البيت وهكذا تستمر دورة رفض الحوار في المجتمع.
لذا، فإنَّ الحوار يبدأ حينما يبدأ من البيت بين
الزوجين، وبين الوالدين والأبناء وبين الأبناء أنفسهم حتى في القضايا الصغيرة، ولا
يضير أبدًا أن يتحاور الأب مع ابنه حتى إن كان الأب متيقِّنًا من فكرته، وقد جرَّبها
عشرات المرات حتى أضحت حقيقة عنده، ذلك أنها ليست كذلك عند الابن، فالهدف هنا هو
غرس روح الحوار داخل ابنه، فضلًا عن تأثير الحوار نفسه في التربية. ذلك أن لكل من
التربية، والحوار تأثيرًا متبادلًا على بعضهما البعض في كلا الاتجاهين.
وحتى يتحوَّل الحوار إلى حقيقة ثابتة وراسخة في
المجتمع ويغدو عملية متواصلة ومستمرة فيه، يجب أن يتبناه أفراد المجتمع أوَّلًا
على المستوى الشخصي، ثمَّ يمارسونه مع أبنائهم عمليًّا، وبعد أن يصلوا إلى سن
الدراسة يتم تعليمهم الحوار عبر الممارسة العملية وليس تلقينًا فقط، حينها وعندما
يدخل أحدهم في عملية حوار فإن هذا الحوار سوف يصبح تلقائيًّا؛ لأنَّه سيكون عندها
متجذِّرًا في شخصياتهم لا يستطيعون الفكاك منه، ولا يبعدهم عنه أي عارض، أو
استفزاز قد يواجههم مستقبلًا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق