الجمعة، 25 مارس 2022

مصيبة حوار الطرشان

 


يوسف أحمد الحسن

 

عندما قيل للعجوز إن حفيدها قد مات فردت بأنهم دائما ما يعملون العصيدة في اليوم الذي تصوم فيه ! فإن ذلك كان حوار طرشان . وهناك قصة مشهورة عن هذا النوع من الحوار ملخصها أن أربعة من الطرشان ( راعي غنم ومزارع وبائع ملح وقاضي ) كانوا يعيشون في قرية فحصل أن أضاع الراعي قطيعه فوجد المزارع متسلقا شجرة فسأله عن القطيع فأجاب الأخير بأن العجوز محدودب الظهر الذي يبحث عنه موجود فوق التلة القريبة . فشكره الراعي وقال له بأنه سوف يكافئه بحمل صغير إذا ما وجد ضالته . وعندما وجد الراعي قطيعه جاء إلى المزارع ومعه الحمل الصغير ليعطيه إياه فقال المزارع إنه لم يسرق القطيع ! فرد عليه الراعي إنه لن يعطيه أكثر من هذا الحمل . فمر عليهما بائع الملح وهما يتخاصمان فعرض على كل منهما مقدارا قليلا من الملح رافضا أن يعطيهما كل ما يحمله من ملح ! وهكذا اختلف الثلاثة وتعالت أصواتهم ، فذهبوا إلى القاضي الذي صدف أن كان واقفا على باب بيته بعد أن طرد زوجته فتشاكوا عنده فقال : إنني لن أقبل أبدا أن تعود هذه الزوجة العاصية إلى بيتي مهما حصل وبأي حال من الأحوال !

هذه القصة تشير إلى أن بعض المتحاورين يغني كل منهم على ليلاه وكل يتحدث عن موضوع ولا يستمع إلى الآخر بل يتحدث عما يريد أن يُسمعه للآخرين . فالأطرش هو الشخص الذي يسمع بشكل ضعيف ويستطيع التحدث لذلك فهو يفسر الحديث الذي يوجه إليه كما يشاء ، خلاف الأصم الذي لا يسمع أبدا ولا يتكلم .

وما يفسر تسمية بعض أنواع الحوار بحوار الطرشان هو أن المتحاورين يتهربون عمدا من الاجابة عن بعض الأسئلة ، فإما أن يطرحوا بدورهم أسئلة أو أنهم يجيبون عن أسئلة أخرى وذلك بهدف قطع الطريق على السائل والهرب من جولة حوارية على وشك أن يهزموا فيها . وهم بهذا يقومون بصرف النظر عن السؤال الذي يجهلون الرد عليه إلى سؤال آخر أسهل عليهم أو إلى محور أو نقطة تعتبر نقطة قوة لديهم وضعف لدى خصومهم . وتدل هذه المحاولات بالطبع على درجة من الهزيمة تتم التغطية عليها بجر الحوار إلى ساحة أخرى . وفي مثل هذه الحالات ورغم طول مدة الحوار إلا أنه يبقى مراوحا لمكانه ولا يكاد يتزحزح عنه . وأصعب أنواع الحوار هو حين يصر كلا طرفيه على التحدث للطرف الآخر دون الاستماع إلى ما يقوله .

 

تويتر @yousefalhasan  

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق