يوسف أحمد الحسن
عندما قيل
للعجوز إن حفيدها قد مات فردت بأنهم دائما ما يعملون العصيدة في اليوم الذي تصوم
فيه ! فإن ذلك كان حوار طرشان . وهناك قصة مشهورة عن هذا النوع من الحوار ملخصها
أن أربعة من الطرشان ( راعي غنم ومزارع وبائع ملح وقاضي ) كانوا يعيشون في قرية
فحصل أن أضاع الراعي قطيعه فوجد المزارع متسلقا شجرة فسأله عن القطيع فأجاب الأخير
بأن العجوز محدودب الظهر الذي يبحث عنه موجود فوق التلة القريبة . فشكره الراعي
وقال له بأنه سوف يكافئه بحمل صغير إذا ما وجد ضالته . وعندما وجد الراعي قطيعه
جاء إلى المزارع ومعه الحمل الصغير ليعطيه إياه فقال المزارع إنه لم يسرق القطيع !
فرد عليه الراعي إنه لن يعطيه أكثر من هذا الحمل . فمر عليهما بائع الملح وهما
يتخاصمان فعرض على كل منهما مقدارا قليلا من الملح رافضا أن يعطيهما كل ما يحمله
من ملح ! وهكذا اختلف الثلاثة وتعالت أصواتهم ، فذهبوا إلى القاضي الذي صدف أن كان
واقفا على باب بيته بعد أن طرد زوجته فتشاكوا عنده فقال : إنني لن أقبل أبدا أن تعود
هذه الزوجة العاصية إلى بيتي مهما حصل وبأي حال من الأحوال !
هذه
القصة تشير إلى أن بعض المتحاورين يغني كل منهم على ليلاه وكل يتحدث عن موضوع ولا
يستمع إلى الآخر بل يتحدث عما يريد أن يُسمعه للآخرين . فالأطرش هو الشخص الذي
يسمع بشكل ضعيف ويستطيع التحدث لذلك فهو يفسر الحديث الذي يوجه إليه كما يشاء ، خلاف
الأصم الذي لا يسمع أبدا ولا يتكلم .
وما
يفسر تسمية بعض أنواع الحوار بحوار الطرشان هو أن المتحاورين يتهربون عمدا من الاجابة
عن بعض الأسئلة ، فإما أن يطرحوا بدورهم أسئلة أو أنهم يجيبون عن أسئلة أخرى وذلك
بهدف قطع الطريق على السائل والهرب من جولة حوارية على وشك أن يهزموا فيها . وهم
بهذا يقومون بصرف النظر عن السؤال الذي يجهلون الرد عليه إلى سؤال آخر أسهل عليهم
أو إلى محور أو نقطة تعتبر نقطة قوة لديهم وضعف لدى خصومهم . وتدل هذه المحاولات
بالطبع على درجة من الهزيمة تتم التغطية عليها بجر الحوار إلى ساحة أخرى . وفي مثل
هذه الحالات ورغم طول مدة الحوار إلا أنه يبقى مراوحا لمكانه ولا يكاد يتزحزح عنه
. وأصعب أنواع الحوار هو حين يصر كلا طرفيه على التحدث للطرف الآخر دون الاستماع
إلى ما يقوله .
تويتر @yousefalhasan
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق