السبت، 26 مارس 2022

لماذا يتمسَّك أصحاب كل فكر بأفكارهم؟

يوسف أحمد الحسن 

قد يتعجَّب البعض حين يدخل في حوار مع آخر ديني، أو مذهبي أن ذلك الآخر يدافع باستماتةٍ عن دينه أو مذهبه رغم ما قد يبدو فيه من ضعف لدى هذا البعض، ذلك أنَّ أصحاب كلِّ دين يميلون وبشكل كبير إلى التعاطف، والتمسك بأديانهم؛ كونهم ولدوا هكذا، ويميلون بشكل عام إلى التمسُّك بما ولدوا عليه؛ إمَّا لقناعتهم به، أو مراعاة للظرف الاجتماعي المحيط بهم (حيث يجد الإنسان نفسه منساقًا للتفاعل والتكيف مع أجواء بيئته الاجتماعية في بعدها الديني، حتى لو كان غير مقتنع بكل، أو ببعض تلك التوجهات والممارسات؛ لأنه لا يريد أن يبدو عنصرًا شاذًّا مخالفًا للجو العام؛ ممَّا قد يعرِّضه للضغوط ويجعله منبوذًا في مجتمعه) كما يقول الشيخ حسن الصفار - مسارات، ج2.

ولذلك، فإنَّ أيَّ محاولة للاصطدام بهذه الحقيقة، فإنها ستلاقي الصدود، والإعراض الكبير، ولن تصل بأصحابها إلى أي نتيجة سوى الرفض، وربما مزيد من التمسُّك بها.

ولأنَّ الإنسان كائن اجتماعي، فإنه غالبًا ما ينزع إلى التماهي مع واقعه ومجاراته مهما كان باهتًا حد الاختفاء، لأنَّ هذا هو الخيار الأمثل له؛ لكي يحافظ على مكانته الاجتماعية حتى إن كانت هذا المكانة وسط القطيع، وسلوك القطيع هذا (Herd behavior) الذي يعني تصرف الفرد بسلوك الجماعة دون تخطيط أو تفكير، يتم استثماره أحيانًا من قبل القيادات من أجل ضمان استمرار الولاء لهم من قبل قواعدهم الشعبية، إلا أنه سلاح ذو حدين، وقد ينقلب عليهم في أي وقت في حال انكشاف الدعم عنهم من قبل قوى معينة، ولذلك يمكن ملاحظة ابتعاد البعض عن أفكاره التي طالما اعتنقها، واستمات في الدفاع عنها حينما يسافر إلى دول أخرى بعيدة وليس لداعمي نفس الأفكار وجود مكثف فيها، لكن العجيب هو تماهيهم معه مرة أخرى عند عودتهم إلى مجتمعهم الأصلي.

وقد يكون هذا السلوك مقبولًا من عامة الناس، لكنه أن يأتي من المفكرين والمثقفين فهذه هي الطامة الكبرى؛ لأنَّ هاتين الفئتين هما من يفترض أن يقوما برسم الخطوط العريضة للسياسات الاجتماعية لا أن ينساقا مع الواقع الاجتماعي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق