( الفيس بوك ) كسلاح اجتماعي
يوسف أحمد الحسن
لا
يمكن للمصلحين وأصحاب الرسالات الاجتماعية الجمود على الأساليب القديمة في التغيير
والإصلاح .. فبينما تتطور أساليب الإغواء والإفساد ، فإنه ينبغي أن يواكب ذلك تطور
في أساليب مقاومتها . ومن هذه الأساليب الاستفادة من التطور الكبير في عالم الشبكة
العنكبوتية ..
وتعتبر
مواقع الشبكات الاجتماعية - التي ظهرت في
السنوات الأخيرة - واحدة من أقوى الجوانب التي يمكن الاستفادة منها .. فهذه المواقع
التي تهدف إلى تعزيز الروابط الاجتماعية بين الناس عبر الإنترنت ، وجدت لها شعبية
كبيرة فاقت الكثير من الجوانب الأخرى في ذلك العالم . ومن أهم هذه المواقع موقع
الفيس بوك Facebook الذي
بدأ بتأسيسه الطالب الجامعي (مارك جوكربيرج )
بهدف توثيق العلاقات بين طلاب جامعة هارفارد الأمريكية ، ثم ما لبث أن توسع
إلى جامعات أخرى في الولايات المتحدة ، ثم إلى عامة الناس ، حتى وصل عدد المشتركين
فيه إلى 300 مليون مشترك ، وهو ما يفوق عدد سكان الولايات المتحدة الأميركية .
وتتلخص
فكرة موقع ( فيس بوك ) في أن المشترك فيه يكتب معلومات عن نفسه مرفقا بها صورته
وجانبا من جوانب حياته كدراسته أو عمله ، ثم يقوم بدعوة مجموعة من أصدقاءه للانضمام
إليه كأصدقاء على ذلك الموقع . ومع انضمام أي شخص لآخر كصديق ، يمكنه أن يتعرف على
أصدقاء ذلك الشخص على الموقع . وهكذا فإن لجميع أصدقاء مشترك ما أن يتعرفوا على
بعضهم البعض ( طبعا إن رغبوا في ذلك ) ، كما يمكن للأصدقاء تبادل الأخبار
والمعلومات والأحداث فيما بينهم ، والتشارك في بعض المناسبات . ويمكنهم كذلك كتابة
أفكارهم وانطباعاتهم على ما يسمى ( حائط الكتروني ) يمكن للآخرين قراءته ، وإبداء
الإعجاب به أو التعليق عليه . ومن خصائص هذا الموقع كذلك أنه يمكن لأي عدد من المشتركين
أن يتكتلوا فيما بينهم فيما يسمى ( مجموعات ) تكون مهتمة بموضوع ما ، ويقومون
بدعوة آخرين للانضمام إليها . وتتناسب أعداد الملتحقين بمجموعة ما طرديا مع أهمية
وشعبية موضوع المجموعة . ومع ازدياد مشتركي الإنترنت في العالم العربي ازداد عدد
المشتركين في الموقع عربيا ، وازدادت معه أعداد المجموعات العربية والتي تنوعت من
مجموعات ذات اهتمامات تافهة إلى أخرى ذات أهداف اجتماعية وسياسية .
ولذلك
فإنه يمكن استغلال هذه الميزة في الموقع ودعوة الآخرين للانضمام إلى المجموعات ذات
الأهداف السامية والكتابة عن القضايا الاجتماعية في صفحات – أو على حيطان - تلك
المجموعات . فيمكن مثلا تأسيس مجموعة لمحاربة ظاهرة اجتماعية سيئة ، ودعوة مشتركي
الموقع للانضمام إليها ، وكتابة آرائهم حول أسباب هذه الظاهرة وسبل التخلص منها ،
أو قراءة ما يكتبه الآخرون عنها . كما يمكن تأسيس مجموعة للتشجيع على الظواهر
الإيجابية مثل القراءة والنظافة والتعاون ومواصلة التعليم العالي . ومن المجموعات العربية
الإيجابية على موقع ( فيس بوك ) مجموعة ( كتابي كتابك ) التي تهدف إلى تجميع الكتب
الزائدة عن الحاجة في العالم العربي وتوجيهها إلى من يحتاجها . وهناك عشرات
المجموعات العربية المتخصصة ( مثلا ) في محاربة الفقر والجهل والتحرش الجنسي والذي
فاق عدد أعضاءه الآلاف الثمانية . وهناك عشرات بل مئات المجموعات داخل الموقع في
مختلف التوجهات الثقافية والاجتماعية والسياسية المتنوعة ، والتي يمكن لكل من لديه
بريد الكتروني أن ينضم إليها ، أو يمكنه أن يؤسس مجموعات جديدة ترضي ميوله ويدعو
الآخرين إليها . وعليه فإن الفيس بوك الذي أسس لأهداف محدودة تحول إلى أداة يمكن
لمن يستثمرها أن يحدث التغيير الذي ينشده في مجتمعه المحلي الصغير أو القرية
العالمية .
وقد تم تصميم الموقع بحيث يمكن تأسيس المجموعات فيه بخطوات سهلة ومعدودة ، كما يمكن الانضمام إلى أي مجموعة بضغطة واحدة من فأرة الحاسب والإطلاع على موضوعات المجموعة والكتابة فيها .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق