الخجل يزيد من انتشار الإيدز
يوسف أحمد الحسن
قد
يكون الخجل محمودا في كثير من الحالات والمواقف ، لا بل مطلوبا في كثير منها ،
لكنه يعتبر منبوذا عندما يتعلق الأمر بمرض نقص المناعة المكتسب ( الإيدز ) . فهذا
المرض الذي يصيب شخصا واحدا كل 6 ثواني و 11 شخصا كل دقيقة و 17000 كل يوم ، يساهم
الخجل منه في زيادة حدة انتشاره . فالشخص المصاب بالإيدز والذي يتدثر بالخجل يساهم
بشكل مباشر أو غير مباشر في انتشار المرض ، لأن الخجل يدفعه إلى إخفاء إصابته
بالمرض وعدم ذهابه إلى الطبيب لطلب المساعدة والعلاج ، وهو يعني تدهور حالته
الصحية والتبكير في وفاته . كما أنه بعدم
ذهابه إلى طبيب فلن يتعرف على سبل منع انتشار المرض وانتقاله إلى آخرين من
المقربين إليه .
ويسهم
المجتمع أحيانا في تفاقم انتشار المرض بسبب النظرة الخاطئة إلى المصابين به ..
فالوصم الذي يقوم به البعض تجاه المصابين بالإيدز يدفع هؤلاء إلى تجنب إخبار
الآخرين بإصابتهم به خوف ما يسمى ( الفضيحة ) أو ووصمهم بالمرض .
ويبرر
البعض استخدامه الوصم بردع الآخرين من الوقوع في هذا المرض ! فالحملة ضد المصابين
بالمرض ( حسب قولهم ) سوف تسهم في منع الناس من الوقوع في فخ العلاقات الجنسية
المحرمة وبالتالي حسر انتشار المرض ! متناسين بأن المصابين به ليسوا جميعا من صنف واحد
.. فهناك من أصيب به في علاقة زوجية شرعية لطرف واحد فقط مذنب ، بينما الطرف الآخر
بريء وانتقل المرض إليه من زوجه . وهناك من أصيب به من حلاق لا يعقم أدواته أو من
طبيب أسنان مهمل . وهناك من الأطفال من انتقل إليه عند الولادة ، كما أن هناك من انتقل إليه المرض نتيجة عملية نقل دم
من شخص مصاب ، أو نتيجة استخدام إبرة حقن للمخدرات . وهذا السبب الأخير للإصابة
بالمرض رغم خطورته وخطأه ، إلا أنه لا يجوز أن يعير بإصابته بالمرض من علاقة جنسية محرمة ،
فهو مخطئ مذنب لكن لسبب آخر . صحيح بأن
النسبة الكبرى من المصابين قد يكونون أصيبوا بسبب علاقات غير شرعية ، لكنه من غير
الإنصاف ظلم النسبة الصغرى من المصابين بالمرض إجبارا عبر الوصم ، فضلا عن سلبيات
هذا الوصم على سلوكيات المصابين . فالوصم يؤدي إلى إخفاء الإصابة بالمرض ، وهو ما
يؤدي إلى زيادة رقعة انتشاره .
إن المطلوب هو نظرة عقلانية إلى المرض والمرضى المصابين به تحد من معدلات الإصابة به ، وليس مجرد التشفي منهم والحديث ( فقط ) عن كون ذلك عقاب إلهي عليهم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق